تتعالى في الأجواء السياسية الأوكرانية أصوات تدعو الرئيس فيكتور يوتشينكو إلى حل البرلمان والحكومة التي تواجه احتجاجات واتهامات بسوء إدارة مخلفات الأزمة المالية العالمية.
وفي هذا السياق توقع رئيس البرلمان فلاديمير ليتفين في مؤتمر صحفي أن يحل يوتشينكو المؤسسة التشريعية يوم 26 يوليو/تموز الجاري مع اختتام سلسلة الجلسات في الفصل الحالي، كما لمحت مارينا ستافنيتشوك نائبة الرئيس إلى أن لدى يوتشينكو أسبابا كافية تدفعه إلى اتخاذ إجراء الحل.
وتأتي هذه الدعوات والتوقعات في وقت لا يزال فيه نواب حزب الأقاليم -أكبر أحزاب المعارضة- يغلقون المنصة الرئيسية للبرلمان مانعين عقد جلساته منذ ستة أيام.
ويتهم نواب الحزب الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق فيكتور يانوكوفيتش، حكومة يوليا تيموشينكو بسوء إدارة الأزمة المالية التي يقولون إنها أوقعت البلاد في مصيدة ديون خارجية ضخمة، ورفضوا التصويت على تعديلات جديدة أجرتها على الميزانية الحكومية في إطار مواجهة الأزمة.
وتقول المعارضة أيضا إن رئيسة الوزراء تستفرد بالسلطة وتهمل الرأي الآخر في السياسات والمواقف، ويطالب النواب المحتجون بطرد عدد من الوزراء والنواب الذين قالوا إن "تصرفاتهم تسيء إلى أوكرانيا وشعبها".
يوليا تيموشينكو تواجه اتهامات بسوء إدارة نتائج الأزمة المالية العالمية (الجزيرة نت)
ذرائع للرئيس
ومن جهتهم يتهم نواب حزب بيووت –الذي تتزعمه تيموشينكو- نواب حزب الأقاليم بالسعي عبر منع جلسات البرلمان إلى تهيئة ذرائع للرئيس تدفعه إلى حل البرلمان والدعوة إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة جديدة تسبق الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها بداية العام القادم.
وقال القيادي في حزب بيووت فلاديمير بودلو إن دفع الرئيس لحل البرلمان خطوة "ستخلق حالة من الفوضى تفاقم سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد".
ورغم ذلك يؤكد بودلو في حديث للجزيرة نت أن هذه الخطوة "لن تؤثر" على شعبية حزبه "كما يريد حزب الأقاليم"، مضيفا أن حزب بيووت "متأكد من أن الشعب بات يعرف من يريد العمل لصالحه ومن يعرقل".
ووصف إغلاق نواب حزب الأقاليم منصة البرلمان بأنه "تصرف غير مسؤول" ولا علاقة له بالأزمة المالية العالمية التي يقول تقرير سابق للاتحاد الأوروبي إن أوكرانيا أكثر دول أوروبا الشرقية تضررا منها وأضعفها قدرة على التصدي لها.
احتجاج واجب
لكن النائب السابق والقيادي في حزب الأقاليم يوري سينينكو نفى هذه الاتهامات، وقال في حديث مع الجزيرة نت إن حكومة تيموشينكو وحزب بيووت "هما من يعرقل ويوقف عمل البرلمان".
وأكد أن احتجاج نواب حزبه "يأتي في إطار الواجب لمنع إقحام البلاد في مصائب سياسية واقتصادية أخرى، ولا علاقة له بقرب الانتخابات وإضعاف الشعبية"، معتبرا أن شعبية حزبه "غنية عن ذلك" وأنها "في تزايد مستمر".
وأضاف سينينكو أن سياسات الحكومة "دمرت الاقتصاد الأوكراني وكدست ديونا خارجية تفوق 20 مليار دولار"، مشيرا إلى أن العجز في ميزانية البلاد يقارب 16 مليون دولار وأن رواتب الموظفين والعمال تتأخر ولا تدفع كاملة.
وتابع قائلا "لذلك فإننا ننظر بعين الإيجاب لكل ما يحد من التدهور في الأوضاع، حتى لو كان حل الحكومة والبرلمان".
نيكولاي سازونوف: حل البرلمان في هذا التوقيت خطأ كبير (الجزيرة نت-أرشيف)
خطأ كبير
ومن جهته قال الباحث والمحلل السياسي وعميد كلية العلوم السياسية في الجامعة الوطنية الأوكرانية نيكولاي سازونوف إن حل البرلمان سيكون بمثابة "ضربة قوية لتيموشينكو وائتلافها الحاكم".
لكن سازونوف يرى أن حل البرلمان "سيكون خطأ كبيرا في هذا الوقت بالذات"، في إشارة إلى التزامن مع العطلة الصيفية وبدأ الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأكد أن من شأن حل البرلمان أن يقلب الموازين السياسية رأسا على عقب، ويحدث "حالة من الفوضى" ستزيد من سخونة الأجواء التنافسية بين مرشحي الانتخابات الرئاسية، وقد يؤدي إلى تصادمات ومواجهات بين أنصار المرشحين مثل تلك التي شهدتها انتخابات 2004.
وأشار سازونوف إلى أن حل البرلمان قد يكون "خطوة استفزازية انتقامية من تيموشينكو" يقدم عليها الرئيس يوتشينكو الذي تشهد العلاقات بينه وبينها "طلاقا سياسيا وتوترا متصاعدا، وتشهد شعبيته تدهورا ملحوظا بالمقارنة مع شعبيتها".