أحدث مقتل ثمانية جنود بريطانيين في أفغانستان أمس صدمة في المملكة المتحدة، مما حدا بالصحف الصادرة صباح اليوم إلى الحديث عن جدوى خوض حرب شرسة بقوات تفتقر إلى عتاد حديث وتجهيز مناسب.
وكانت السلطات العسكرية البريطانية أعلنت أن خمسة جنود بريطانيين من الكتيبة الثانية رماة قتلوا في انفجارين وهم في دورية راجلة قرب سانغين في ولاية هلمند أمس الجمعة، وهو أكبر عدد يسقط من الجنود البريطانيين في هجوم واحد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان عام 2001، في حين قتل ثلاثة آخرون في هجمات مختلفة.
ورأت صحيفة ذي غارديان أن القوات البريطانية باتت معرّضة يوماً بعد يوم "لعدو عاقد العزم وغير تقليدي".
وقالت إن عدد قتلى الجنود البريطانيين ارتفع إلى 15 في عشرة أيام منهم أربعة ضباط, وإن حصيلة الأرواح البريطانية التي فقدت في أفغانستان حتى الآن بلغت 184, أي أكثر من إجمالي من سقطوا صرعى القتال في العراق.
وتعليقاً على ذلك, نقلت الصحيفة عن زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار السابق منزيس كامبل توقعاته بأن تحدث تلك الأرقام تحولاً في الرأي العام البريطاني.
وتتعرض الحكومة لانتقادات حادة من قادة الجيش البريطاني ممن هم في الخدمة أو أحيلوا إلى التقاعد لعجزها عن تزويد قواتها بالمعدات المناسبة التي تساعدها على القتال في جنوب أفغانستان.
"
الخطر على أمن الدول الغربية سيزداد في حال التخلي عن أفغانستان وما سيخلفه ذلك من تأثير على باكستان
"
ذي تايمز
إحباط وخطر
وشدّدت صحيفة ذي تايمز في افتتاحيتها على ضرورة كسب الحرب في أفغانستان, مشيرة إلى أن الوقت قد حان للحكومة البريطانية كي تحسن من أدائها دفاعاً عما يدور من قتال في تلك الديار.
وحذرت الصحيفة المعروفة بموقفها المناصر لتلك الحرب, من أن الخطر على أمن الدول الغربية سيزداد في حال التخلي عن أفغانستان وما سيخلفه ذلك من تأثير على باكستان.
ومضت الصحيفة في تحذيرها للغرب حيث رأت أنه إذا ما قُدّر للحكومة "الدستورية" في أفغانستان -رغم عيوبها- أن تنهار, فإن البلاد سرعان ما تصبح قاعدة لتنظيم مرادف لحركة طالبان باكستان.
وكان زعيم الديمقراطيين الأحرار الحالي نيك كليغ قد حذر في وقت سابق هذا الأسبوع من مغبة تحول المهمة في أفغانستان إلى مأزق إذا لم توفر الحكومة "الموارد المناسبة وتحدد الإستراتيجية السياسية".
ووصفت الصحيفة الحرب في أفغانستان بأنها عادلة وضرورية، فهي في نظرها عادلة لطبيعة العدو الذي تواجهه القوات هناك, وضرورية لأن الولايات المتحدة وحلفاءها "يتصدون لأناس يتحملون المسؤولية المباشرة في مقتل آلاف المدنيين من جنسيات مختلفة على الأراضي الأميركية".
وأشارت إلى أن أفغانستان لم تعد ملاذاً لتنظيم القاعدة, لكنها لم تستبعد أن تعود للعب ذلك الدور إذا أخفق التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أو تخلى عن مهمته هناك.
أما صحيفة ذي إندبندنت فقد رأت -في تحليل للمراسل المستقل جيرومي ستاركي- في عودة الجنود من أفغانستان في نعوش، دليلاً على القتال "الضاري" الذي تدور رحاه "في حقول الخشخاش بولاية هلمند".
وتطرق المراسل في تحليله إلى ما تعاني منه القوات البريطانية العاملة في أفغانستان من "نقص مريع في الأفراد والعتاد ومن إجهاد في محاولتها إقناع الأهالي -الذين وصفهم بأنهم ميالون للشك على نحو بعيد- بأنهم في مأمن من حركة طالبان".
وقال إن المهمة في نظر الجنود البريطانيين بأرض المعركة "محبطة وخطرة إلى درجة لا تطاق"، وأضاف أن هؤلاء الجنود يقاتلون عدواً قلما يرونه، ويحاولون في ذات الوقت استمالة الأهالي إلى جانبهم الذين "عانوا الأمرّين منذ أن وطئت القوات الأجنبية أرضهم".