كنت في مجلس مع بعض الأصدقاء والأحباب، ودار الحوار حول أيهما أولى: الزواج من القريبة أم البعيدة، ومن بنت البلد أم الأجنبية؟ ولحسن الحظ أن المجموعة التي تناقش الموضوع لديهم كل هذه التجارب، فأحدنا متزوج من ابنة عمه، والآخر من بنت البلد، والثالث معدد، وإحدى زوجاته أجنبية، والرابع متزوج من عربية من بلد آخر. وكان حواراً جميلاً وغنيَّا بالمعلومات والحقائق التي ربما لا تظهر في الدراسات أو في المقابلات.
وقد شغلنا الموضوع كثيراً لأننا لم نحسم القضية في الجلسة الأولى، ولكني بدأت أبحث فيها وتوصلت إلى حقائق عدة وهي:
1- إن الإسلام دين عالمي مفتوح على الجميع ويسمح بالزواج من الآخر وفق ضوابط وشروط.
2- النبي [ تزوج من أقربائه ومن بنات بلده، ومن أجنبية وحيدة، وهي مارية القبطية.
3- الأصل أن يحقق الزواج أهدافه وهي العفة والتناسل وبناء أسرة متماسكة وتحقيق التوازن النفسي.
4- إعطاء الأولوية لصاحب الدين والخلق، سواء أكان قريباً أم بعيداً، وبنت البلد أو الأجنبية وحتى الكتابية ينبغي أن تكون محصنة، أي عفيفات طاهرات.
5- الإسلام حذر من زواج الأقارب لأن هذا الزواج يتسبب في أمراض وراثية قد أثبتها العلم، ولكنه لم ينه عن الزواج من بنات الوطن.
6- هناك قواعد فقهية عدة تساعدنا على اتخاذ القرار مثل: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والمصلحة العامة تقدم على الخاصة، وهذا ما قاد عمر الفاروق إلى منع المسلمين من الزواج بأجنبية على الرغم من جوازه.
والآن وبعد هذه الحقائق، وبالنظر إلى الدراسات الاجتماعية والواقع الذي نعيشه، يتأكد لنا أولويات عدة كالتالي:
- الزواج من فتاة بنت البلد أولى من فتاة عربية.
- الزواج من فتاة عربية أولى من فتاة أجنبية.
- الزواج من فتاة أجنبية مسلمة أولى من فتاة أجنبية كتابية.
- الزواج من فتاة أجنبية كتابية شرقية أولى من فتاة أجنبية كتابية غربية.
- الزواج من فتاة أجنبية كتابية غربية والإقامة معها في الوطن أولى من فتاة كتابية غربية والإقامة معها في بلد المهجر.
وهذا ما خلصنا إليه من حيث الأولويات كقاعدة عامة، ولكن كل حالة لها حكمها الخاص، لأننا نعرف أن أكثر حالات الزواج التي حصلت مع أجنبية كانت أثناء دراسة الشباب في الغرب أو وجود المغترب في بلد الاغتراب وأحياناً يكون الدافع لحماية نفسه من الانحراف أو الحصول على جنسية البلد، وكلما اقتربت الدائرة إلى أن يتزوج الشاب من بنت بلده فيكون الانسجام الثقافي والتربوي والبيئي أقرب، مما يشجع على نجاح الزواج، بالإضافة إلى تقليل نسبة العنوسة في البلد نفسه.
ففي السعودية مثلاً أكثــر من أربعــة ملايـين عانس، ولو فتحنا الزواج من الأجنبية على إطلاقه فإننا سنواجه مشكلة اجتماعية كبيرة، وهذا ما فعله عمر الفاروق في زمانه - رضي اللـــه عنــه.
ولو تأملنا في زواج النبي لوجدنا أن نساء النبي كلهنَّ كنَّ من مكة ومن المدينة والجزيرة العربية إلا زوجة واحدة وهي مارية القبطية، وكذلك كان الصحابة.
والمسألة تحتاج إلى تفاصيل كثيرة ربما المقال لا يسعها، ولكني اقترح عمل حملات توعوية إعلانية وإعلامية من أجل اهتمام بناتنا بالجمال الشكلي والجوهري، مما يساهم في زيادة نسبة حالات الزواج من بنت البلد، بالإضافة إلى تشريع القوانين (والناس على دين ملوكهم).